Recent Tube

test

اخر الاخبار

Post Top Ad

Your Ad Spot

Sunday, 3 December 2017

رواية (ايظن...؟!) لبربارة ماكماهون الفصل 6


الفصل السادس: مسرح الخداع:

بعد وقت قصير أجفلت موللي لرنين الهاتف.نادرا ما كانت تتلقى مكالمات يوم السبت, فمعظم أصدقائها يعرفون أنه اليوم الذي تتفرغ فيه للرسم.و رفعت السماعة:
- آلو؟
- موللي.أنا ايلين بايلي أرجو ألا يكون اتصالي في غير وقته. بدا صوت المرأة أقوى مما عهدته سابقا.
- على العكس. كيف حالك؟
- أحسن بكثير شكرا. لكنني أشعر بنفسي قوية بما يكفي لأحظى برفقة على الغداء.هل لك بالمجيء؟ ذلك سيمنحنا فرصة للتعارف دون أن نهتم لنك.
- نهتم لنك؟
ضحكت ايلين برقة:" حسنا, لا يمكننا أن نتحدث عن كل ما نريده إذا كان جالسا معنا."
تملك موللي الفضول:" وما الذي عسانا نتحدث عنه من دونه؟"
- عن طفولته مثلا... لدي ألبومات إذا كنت تحبين رؤية بعض صور الأسرة القديمة.
نظرت موللي إلى اللوحة التي كانت قد انتهت لتوها من رسمها والتي لا تزال تتمسك بها لأنها تكره دوما أن تنهي مشروعا.و إلى أن تجد موضوعا جديدا, تبقى شاعرة بالضياع.
و قالت ايلين بكبرياء:" إذا كان لديك مشروع آخر سأتفهم ذلك."
لم يكن لدى موللي أي مشروع آخر, أو أي سبب يجعلها ترفض ما عدا أنها لم تشأ أن تتورط أكثر من ذلك.لكن الوحدة في صوت المرأة أثرت عليها. كم سيكلفها قضاء ساعتين مع ايلين بايلي؟
- لا ليس لدي مشروعات أخرى. متى علي أن أحضر؟
- في الثانية عسر و النصف. ثم اقفلت الخط.
ترددت موللي لحظة ثم حاولت الاتصال بنك في الفندق.دهشت قليلا وهي تكتشف أنه لا يعمل يوم السبت.ولم يكن هناك من يخبرها أين هو. أقل ما كان يمكنه فعله هو أن يعطيها رقم هاتفه الخليوي أو رقم بيته, كما أخذت تفكر متذمرة و هي تبحث عبثا عن ذلك في دليل الهاتف. قلقت من ردة فعل نك عندما يعلم أن موللي و أمه تناولتا الغداء من دونه و فكرت في أنه ربما سيتهمها بمحاولة خداع أمه لتتنازل لها عن ميراثها. 


**********


عندما وصلت موللي أرشدتها مدبرة المنزل إلى غرفة ايلين بايلي.وكانت ترتدي قميصا ملونا و تجلس مستندة إلى عشر وسائد. وعندما وصلت موللي بادرتها بابتسامة عريضة مرحبة وكان التحسن باديا عليها.
أنا مسرورة جدا لمجيئك موللي. وسامحيني إذا لم أقف لك فقد سبق وحاولت ذلك فكان مجهدا للغاية. لذا قررت أن أرتاح و أكرس طاقتي لهذه الزيارة بدلا من أجلس على كرسي.
- لا عليك. إذا كان وجودي هنا يتعبك أخبريني بذلك فأخرج حالا.
نظرت موللي إلى الممرضة فابتسمت لها مرحبة ثم انتقلت لتجلس بجانب النافذة.
- وجودك هنا أشبه بالدواء المقوي.أتريدين أن تشربي شيئا؟
- سأنتظر حتى الغداء.كيف حالك؟ و جلست على كرسي بجانب السرير.مازالت ايلين تبدو هشة كما كانت تلك الليلة و فكرت في أنها لا بد هزلت كثيرا أثناء المرض.
- أنا احسن بكثير. شكرا يا عزيزتي.لاحظت تلك الليلة أن خاتم الخطبة لم يكن في اصبعك و تصورت أنك لا بد تركته في البيت أو ماشابه.ألم أر خاتما في صورة الصحيفة؟
- آه. حاولت موللي أن تفكر راجية أن لا تفضحها ملامحها لا سيما أنها لم تكن بارعة في اختلاق الذرائع:" لدي في الواقع خاتم جميل, لكنني لا ألبسه أثناء الرسم.لا أريده أن يتلطخ و عندما اتصلت بي كنت أرسم. وهكذا نسيت أن اعيده إلى إصبعي عندما غسلت يدي."
عليها ان تتذكر دوما أن تضع خاتم جدتها في اصبعها. و أخذت ايلين تسألها بلهفة:" أنا متلهفة لرؤيته.أخبريني مرة أخرى كيف تعرفت إلى نك وكيف عرض عليك الزواج هل كان الأمر مفاجأة؟ هل كان ذلك رومانسيا؟"
- دوني عرفنا ببعضنا البعض.
قالت موللي هذا آملة ألا تلح المرأة في إلقاء الأسئلة.ما الذي أخبره نك لأمه؟ماذا لو اختلفت قصتيهما؟ و تابعت تقول:" ليس من وقت طويل في الواقع كان ذلك بحب عاصف."
على الأقل عليها ان تقول هذا ... و عادت تقول:" أنا متلهفة لرؤية نك وهو صغير."
أفضل طريقة لتمضية فترة الغداء هو أن تدع ايلين تتحدث عن نك مكتفية هي بالإصغاء. و بهذا تأمن زلة اللسان.
قالت ايلين مخاطبة الممرضة:" هلا ناولتني أول ألبوم يا سيدة براوم؟"
نهضت الممرضة و أحضرت لها الألبوم وهي تقول:" سأنزل إلى المطبخ لأرى ماذا جرى مع شو ــ وين بالنسبة للغداء الذي لا بد أصبح جاهزا الآن."
- سنكون هنا. قالت ايلين هذا بجفاء بعد خروج الممرضة ثم ابتسمت لموللي:" إنها عزيزة علي.لكنني أظن الوقت حان لكي تذهب. فقريبا سأقف على قدمي و أساعدكما على التخطيط لهذا الزفاف. أنا متشوقة للتعرف على والديك أيضا. هل كانا مسرورين لسماعهما أن ابنتهما ستتزوج؟"
- هما ... لا يعلمان عن الخطبة.
- لم لا؟
- إنهما حاليا في رحلة بحرية و من الصعب نوعا ما الاتصال بهما. طبعا كان لدى موللي كل ما يلزم للاتصال بوالديها لكنها لن تخبرهما عن هذه الخطبة.و إذا حالفهما الحظ ستكون انتهت قبل عودتهما. قالت ايلين ببطء وهي تتأمل موللي مفكرة:" أنا واثقة أنهما متشوقان لسماع أخبارك."
أومأت موللي و أشرق وجهها بالابتسام و هي تتظاهر بالنظر في الألبوم:" هل لديك صور لنك و هو طفل رضيع؟"
و عندما انفتح الباب بعد عدة ثوان رفع كل من موللي و ايلين والممرضة نظرهن بدهشة. وكانت النسوة الثلاث يتأملن الصور في الألبوم. كانت موللي مستغرقة بالنظر إلى نك الذي بدا لها طفلا مشاغبا. متى أصبح بهذا الشكل الجدي الجاف؟

وكان نك يقف عند الباب ينظر إليهن غير مصدق.
- ماذا تفعلين هنا يا موللي؟
- أزور أمك.
قالت هذا و هي تحملق فيه باستغراب. لقد ذهب ذلك الثري ذو البذلة الفخمة و الحذاء الايطالي ليحل مكانه رجل أكثر شبها بذلك القرصان الذي يذكرها به. كان يرتدي سروالا رياضيا قصيرا و قميصا ضيقا يحتضن صدره الرحب فكاد منظره يخطف أنفاسها. كان واضحا أنه كان يمارس الرياضة. تقابلت نظراتهما فرات الشك في عينيه. فكرت أنهما عادا إلى ذلك مرة أخرى و نظرت خلسة إلى الأم و الممرضة. أتراهما لاحظتا؟
و قالت خارقة الصمت:" إننا نشاهد صور الأسرة."
و سألته أمه :" ما الذي تفعله هنا يا نك؟"
- اتصلت بي شو ــ وين وقالت إن علي أن أحضر فورا فظننت شيئا حصل.
فقالت الأم :" أنا طلبت منها أن تتصل بك لتعلمك أن موللي هنا. لقد دعوتها للغداء و رأيت أنك ربما تريد أن تقلها إلى بيتها فيما بعد. لكن الأمر لم يكن مستعجلا.
- موللي ستبقى للغداء؟
- نعم.
من النظرة التي رمقها بها عرفت موللي أن بقاءها هناك لا يعجبه. كانت تحاول جهدها أن تفكر كما تفكر أي خطيبة. ماذا يتوقع منها نك أن تفعل إذا دعتها أمه إلى الغداء؟
- سأغير ملابسي و انضم إليكما و لكن هل يمكنني أن أرى موللي لحظة الان؟
فقالت الأم بابتسامة عريضة:" طبعا"
كانت تعلم أن أمه تتصور لقاء محموما بين عاشقين. وبدلا من ذلك تبعته إلى الردهة خائفة من التعنيف بينما أغلق هو باب غرفة النوم فبقيا وحدهما. ثم سألها بخشونة:" أي لعبة تقومين بها الآن؟"
- أممممم ... أعتقد أنها اللعبة التي ابتدأت بها. أخدع أمك حتى المدة التي تناسبك.
- اعني لماذا جئت إلى هنا هذا الصباح؟ هل ظننت حقا أنن لن أعرف؟
كانت قد تضايقت قليلا لشكوكه المستمرة:" هي التي دعتني. لقد ترددت لكنها ألحت علي. ألست أنت الذي تحاول أن تجعلها تتحسن؟ أظنها كانت تشعر بالوحدة و السأم فجئت أسليها."
- تشعر بالسأم؟ لديها أصدقاء كثر.كان بإمكانها أن تدعو أحدهم.
- و ماذا عن ابنها الشغوف؟
- أنا لا أتجاهلها نحن لا نتحدث عني الان. أنا لا اريدك أن تجلسي مع أمي عندما لا أكون موجودا. هل هذا واضح؟
- ولم لا؟
تخلل شعره بإحباط:" دعي الأمر عند هذا الحد. سأغير ملابسي و أنضم إليكما."
و بجرأة اخذت تمرر أصابعها على ذراعه:" لا تغير ملابسك بسببي."
قالت هذا مداعبة و كادت تضحك و هي ترى ملامحه المجفلة. ربما عليها أن تبدأ في لعب دور الخطيبة لترى إن كان هذا ما يريده حقا.
أمسك اصابعها يضغط عليها برفق دون أن يتركها وقال:"ما هذا الآن؟"
- لم لا تحاول أن تثق بالآخرين أحيانا؟
- علمتني الحياة أن الثقة قد تحطم لي أسناني.
فمالت عليه:" آه, لا نريد أن يحدث لك ذلك لأن أسنانك جيدة للغاية."
- جيدة للعض. قال هذا وهو يجذبها إليه ثم يحيطها بذراعيه.
- و هل أنت تعض؟ سألته باسمة و قلبها يخفق توقعا.
- أحيانا.
و أخذ ينظر إليها وهو يحني رأسه ببطء حتى انعدمت المسافة بينهما. كان عناقه دافئا و مفعما بالرجولة و تسربت إليها حرارة جسمه الصلب حتى كادت تشتعل.
كان يعلم ان عليه الابتعاد فهو لا يريد التورط أكثر مع موللي ماغاير. لكنها كانت بالغة الليونة بين ذراعيه و بالغة العذوبة, ما اشعل نيرانا في عروقه... و تراجع عتها ببطء ثم أراح جبهته على جبهتها ناظرا إلى عينيها و هما ترمشان.
- سألتحق بكما حالما أغير ملابسي.
- هل عليك أن تذهب إلى بيتك لتغير ملابسك؟
وكان صوتها منخفضا ما جعل نك لا يريد أن يتحرك مقدار سنتمتر.
- لا. لدي بعض الملابس هنا و لن أتأخر.
- سأحاول إذن أن أتحكم بمشاعري حتى تعود.
و تراجعت ثم اتجهت إلى الباب المفتوح فقال ينبهها:" حذار مما تقولينه لأمي."
- نحن ننظر فقط إلى صور الطفولة. كنت طفلا جميلا. هل كنت حينذاك تشك في كل شيء مثل الآن؟
- الحياة تعلم بعض الدروس الصعبة.
- لا أستطيع أن أتصور أن أي شخص يمكن أن يعلمك شيئا.
أجابته بذلك بابتسامة جريئة و هي تتابع:" و لكن سيسعدك أنني أتقدم في هذا التظاهر.إنه التدريب كما تعلم."
و فتحت الباب و خرجت منه و كأنها من أصحاب البيت.
أراد أن يتبعها على الفور و ينظر إلى كل ما تفعل ليتأكد من أنها لا تحاول أن تصل إلى قلب أمه. فقد كانت موللي تعلم أن أمه واهنة الصحة. أتراها تحاول بشكل ما أن تستغل ذلك لمصلحتها؟
اغتسل و غير ثيابه في وقت قياسي. فهو لا يثق بموللي إذ يعلم أن النساء يردنه للأموال التي ينفقها عليهن و للمتعة التي يشعرن بها فالحب و الوفاء لم يعد لهما أثر هذه الأيام.
عندما سار متجها إلى غرفة أمه حاول ان يتذكر متى بالضبط انعدمت ثقته بالنساء. هل عندما هجرته جيليان برينتس أثناء سنته النهائية في الجامعة؟ أم بعد تلك التمثيلية التي قامت بها ماريا بيلينغهام حين استلم <فنادق ماغيللان>؟ مازال مدينا بالشكر لصديقه هاملتون الذي جعله يسمعها من حيث لا تعلم و هي تعترف بأنها فقط تتزوجه لأجل ثروته. وكان في ذلك النهاية العاصفة. كل امرأة عرفها بعد ذلك جعلها تفهم منذ البداية أنه لا يفكر في الزواج. حتى كارمن رغم رغبتها في تغيير القاعدة. لم يكن لديه سبب يجعله يرى موللي مختلفة عن غيرها. بل العكس,فالفرق بينهما اكبر مما كان عليه بينه وبين النساء اللاتي اعتاد الخروج معهن. فهي تعيش في شقة صغيرة في الحي الصيني وهو يعيش في "تلة توب" كما أنها ترسم لتزيد دخلها بينما هو لديه ثروة طائلة تسنده. دوني يثق بنواياها, لكن نك يشك في عدم استغلالها للفرصة التي نزلت عليها من السماء. سيصبر عليها ليساعد أمه لكنه سيراقبها عن كثب.
فتح الباب فدهش وهو يرى أمه تضحك. كان اللون يكسو وجنتيها ولمعت عيناها و هي تنظر إلى نك بسرور. كان التغيير فيها أشبه بمعجزة.
- تعال و استمع إلى موللي و هي تخبر كيف قامت بطلاء شقتها.
سحب كرسيا و جلس قريبا من موللي إلى حد احتكت ركبتاه بركبتيها. و عندما ابتعدت عنه قليلا, مال نحوها ووضع ذراعه على مسند مقعدها.
كانت تبذل جهدها لتسلية أمه لكنها تشعر بانعقاد لسانها و تحس بأن وجوده يكاد يعصف بها. 
تمتم يقول :" ظننتك ترسمين لوحات."
نظرت إليه ثم انتقلت قليلا إلى اليسار.
- فعلا لكنني أردت أن أبعث بالإشراق إلى شقتي. كانت الجدران قاتمة كئيبة فأردتها براقة مشرقة.
- حدثيه عن البديل المؤقت للسقالة الذي صنعته.
نظرت موللي إلى نك مترددة. أنه لا يتصور ماذا يمكن أن تكون البدائل لأنه يستطيع أن يستخدم فرقة من الدهانين إذا أراد تغيير أي لون.
- حسنا انت تعلم أن في بيتي علية تحت السقف, و بهذا تعلو الجدران من ثلاث جوانب سبعة امتار تقريبا.
أومأ بالإيجاب.لم يذهب إلى منزلها سوى تلك المرة الوحيدة لكنه يتذكر ذلك.
استعرت طاولة جارتي شيلي ووضعتها مع منضدتي بجانب بعضهما البعض ثم وضعت عليهما كرسيين عليهما لوح خشب كالجسر. ونجح ذلك تماما.
- كان بالإمكان أن تقعي و تكسري عنقك.
- كان مزعجا جدا نقلها كلما احتجت تغيير موقعي. لكنني نجحت تماما ووفرت علي مبلغا كبيرا. أحضرت دهانا كي يخمن التكاليف لكنها كانت أكثر مما أردت أن أدفعه بكثير.
تصورها نك على تلك السقالة المؤقتة ثم تخيلها و قد وقعت و انهارت السقالة بالكراسي ولوح الخشب فوقها, فقال بحدة:" لا تفعلي مثل ذلك مرة اخرى."
فنظرت موللي إليه:" ماذا؟"
- هذا بالغ الخطورة لا تفعليه مرة أخرى.
- لكنني كنت شديدة الحذر.
فقالت ايلين:" كان هذا قبل أن تعرفك نك. وأنا واثقة من أنها لن تحتاج إلى القيام بذلك مرة أخرى. وعلى أي حال لن تستمر موللي في السكن هناك طويلا. نحن لم نتناقش في عرسكما على الإطلاق. ولكن لا تدعا مرضي يؤخركما, فأنا أشعر بأنني أقوى لحظة بعد لحظة. وتحديد موعد زفافكما سيسرع حتما في شفائي."
حملقت موللي في نك. ماذا الآن؟ هما لا يجرؤان على تحديد موعد, بصرف النظر عما سيحدث لإيلين. ولكن كيف سيحتالان للتأجيل دون الكشف عن تمثيليتهما؟
- علينا أن ننتظر عودة والدي موللي.
- أحسنت. 
تمتمت له موللي بذلك بصوت خافت من دون أن تسمعها ايلين ثم التفتت إلى المرأة:" أنا واثقة من أنك تتفهمين أنني أريد أن أتحدث معهما قبل أن نتابع هذا. لقد كان حبنا مفاجئا عاصفا كما تعلمين."
- لكن هذا الحب خلق ليبقى فأنتما مناسبان تماما لبعضكما البعض.
عندما انتهى الغداء, طلب نك من أمه أن ترتاح ريثما يأخذ موللي إلى بيتها. عندما وصلا إلى الطابق الأسفل من البيت اوقفته قائلة:" ليس عليك أن تفعل ذلك. سأستدعي تاكسي."
- أريد أن أتحدث معك.
- آه ه ه ... محاضرة أخرى؟
فقطب جبينه:" أنا لا ألقي محاضرات."

ابتسمت وربتت على ذراعه شاعرة بعضلاته القوية و الحرارة التي تنبعث منه. ثم استدارت و هي تتنهد أسفا على مما لن يكون. وتمنت لبرهة لو أن الأمور كانت مختلفة بينها وبين هذا الرجل ولو بامكانها أن تصدق أن الرجال والنساء من مختلف الخلفيات يمكنهم أن يجدوا قواسم مشتركة. لكن هذه لم تكن حتى مجرد محاولة للعثور على القواسم المشتركة فقد عقدا هذه المعاهدة فقط ليساعدا امرأة مريضة على الشفاء. وبينما كانا يسرعان باتجاه المرفأ مالت إلى الخلف في تلك السيارة الفارهة و أخذت تنظر من النافذة بكسل. لقد استمتعت بهذه الزيارة و عرفت الكثير نك. كما ارتبطت بإيلين بايلي بشكل غريب.
سألها:" ما الذي تحدثتما عنه أنت و أمي ؟"
- عن هذا و ذاك.و بالأخص عن طفولتك, ظنا منها أنني أريد أن أعرف
كل شيء عنك. يبدو أنها تلوم نفسها بعض الشيء, فقد كانت أكثر انشغالا بأثاثها و تحفها من أن تدع صبيا صغيرا يركض و يعبث في أنحاء البيت.
- كانت أما مميزة.
- وكانت تتمنى لو انجبت المزيد من الأولاد.فتاة صغيرة حتما.
ألقى نظرة باتجاهها :" لم أعرف ذلك قط. كنت أظن أنها تريد ولدا واحدا."
- قالت إنها هي ووالدك كانا يتمنيان المزيد لكن هذا لم يحدث.كما أنها افتقدت أباك إلى حد بالغ. مات منذ عشر سنوات و مازالت تشعر بالوحدة. ومن الطبيعي أن تفتقده وربما ستمضي حياتها في ذلك.
- كان بإمكانها أن تتزوج مرة أخرى.
- لو وجدت من تحبه كما أحبت أباك لربما فعلت.ألا تظن ذلك؟
- رأيي أن ما يسمونه حبا هو شيء مبالغ في أهميته. والرجال والنساء يتزوجون لأسباب مختلفة.فإذا افتتنوا او أعجبوا بأحدهم سموا ذلك حبا.
- أظنك ستحصل حتما على جائزة السنة لأكثر الرجال سخرية. ولكن كونك لا تؤمن بالحب لا يعني أن أمك لا تؤمن به.
- وأنت؟ هل تؤمنين بالحب؟
سكتت موللي لحظة طويلة:" أنا أريد أن أؤمن."
قالت هذا بحزن لكنها والحق يقال تساءلت إن كانت ستعثر عليه يوما ما. كان الافتتان صعبا بما يكفي فهل ستميز حب حياتها إذا هي صادفته يوما.
ربما كل ما في الأمر أنها لم تصادف بعد الرجل المناسب.كان أبواها سعيدين وكانت ايلين سعيدة مع زوجها, أما هي موللي التي بلغت الثامنة و العشرين من العمر فقد ظنت مرتين أنها وجدت الرجل الذي يمكنها أن تتخذه شريكا لحياتها, و بعد خيبة أمل كان غشاء الوهم ينزاح عن عينيها. ربما كانت تتوقع أكثر مما ينبغي.
عندما توقف نك قرب بيتها. مدت يدها لتفتح باب السيارة لكنه وضع يده على ذراعها يعترضها:" سآتي لآخذك الليلة في السابعة إلا ربعا"
- سأكون جاهزة.
- سأفتح أنا الباب.و نزل من مقعده و دار حول السيارة يفتح لها الباب فقالت:" إلى اللقاء."
وعندما توجهت إلى بيتها قال :" موللي؟"
- ماذا؟
- سيكون في الحفلة كثير من الناس ينظرون إلينا ليتأكدوا من أن خطبتنا حقيقية.بما في ذلك كارمن.
فقالت ضاحكة:" لا تخف. سأرتدي أكثر ملابسي إثارة و التصق بك كما تلتصق صلصلة الخردل بالسجق."
ابتسم بخفة وهز رأسه:" يا له من تشبيه فاتن."
فلوحت له بيدها و ابتعدت بينما وقف ينظر إليها.كانت تبدو مثيرة في بنطلون الجينز فكيف ستكون في الثوب المثير؟ وشعر تقريبا بالخوف من أن يعرف ذلك.
- حدثيني عن هذا الرجل. سألتها شيلي بعد أن أنهت تصفيف شعرها. وكانت تنظر إلى صديقتها في المرآة:" آخر ما أتذكره هو أنك كنت تتظاهرين بأنك مخطوبة و تتباهين أمام جاستين بخاتم جدتك جائلة في أنحاء القاعة و بعد ذلك رأيت وجهك في كل الصحف مع خطيبك المزعوم و الآن تذهبين إلى مكان حيث ربما سيراك كل شخص في سان فرانسيسكو و تخبرينني بأنها مجر تمثيلية؟"
فاعترضت موللي:" إنها ليست تمثيلية."
و لمست خصلة من شعرها بمرح:" هذه تبدو عظيمة.شكرا شيليي."
ثم سارت نحو سريرها وتناولت ثوبها تريها إياه و تسألها:" إنه أسود. لكنه ينفع للمناسبة.أليس كذلك؟"
- أنا أتذكر متى اشتريته.أنت تحاولين أن تجربي تأثيره على هذا الرجل, أليس كذلك؟
فقالت موللي ضاحكة:" لا أظن ذلك. ابقي هنا سترينه عندما يحضر.إنه من النوع الذي يعتبر أن العمل هو كل شيء."
- لهذا هو قمة في الثراء.
نظرت موللي إلى شيلي:" إنه غني,أعلم ذلك, ولكن (قمة في الثراء)؟"
- هيه ... إنه صاحب فنادق ماغيللان.
- وهذا ليس أمرا بسيطا.قد لا يكون من أغنى أغنياء أميركا لكنه يلعب بالمال و يتمرغ به.
- دوما كانت أمي تقول إن الفتاة تقع في غرام الغني بنفس السهولة التي تقع فيها في غرام الفقير.
- لكنني لست مغرمة بأحد.
قالت موللي هذا وهي تلبس الثوب.كان أنيقا و ملائما ومحاكا بخيوط فضية متألقة ما جعله يجذب النظر كما يجذب اللهب الفراشة. كان قصيرا مكشوفا عند الذراعين و الجزء الأعلى منه محكم على جسدها. من حسن الحظ أنها تذهب إلى عملها سيرا على الأقدام فبقي وزنها كما كان لأن هذا الثوب يبرز أي زيادة في الوزن. انتعلت حذاء عالي الكعب مع أنها تعلم أن نك يبقى أطول منها بحوالي عشرين سنتمترا وجاءتها شيلي بأحمر شفاه صارخ:" هذا يناسب ملابسك و وضعك أيضا."
- وضعي؟
- نعم. وضعك هذه الليلة, لأن عليك أن تنافسي كارمن, ومن يعلم من أيضا في هذه الحفلة؟
- أنا لن أتنافس مع أحد فهذه خطبة زائفة.فإذا أراد أن يتركني من أجل امرأة أخرى فهذا لا يهمني.
لكنها عندما ازدادت اقترابا من المرأة لكي تصبغ شفتيها شعرت بوخزة من الغيرة.أزعجها على الرغم منها أنه قد يميل إلى امرأة أخرى. وكان هذا حماقة بالغة منها. لقد عقدا الخطبة لأجل مصلحة و هي لن تدوم. وستكون معتوهة لو ظنت لحظة واحدة أن نك بايلي يمكن أن ينجذب إلى امرأة مثلها!

اضغط هنا للعودة الى الفصل 5
اضغط هنا للمرور الى الفصل 7

No comments:

Post a Comment

اقرا المزيد