Recent Tube

test

اخر الاخبار

Post Top Ad

Your Ad Spot

Sunday, 3 December 2017

رواية (ايظن...؟!) لبربارة ماكماهون الفصل 5



الفصل الخامس: تحريات:

بقي نك صامتا طوال الطريق أقسمت موللي في سرها على ألا تكون هي البادئة بالحديث.فأخذت تنظر حولها و كأنها لم تر المدينة من قبل. وعندما اقترب نك من منطقة <ليتل إيتالي> حيث تكثر المطاعم و النوادي الليلية, و أوقف السيارة و نظر إليها:" هل الطعام الإيطالي يناسبك؟"
- ممتاز. وكادت تضحك لنظرة الحرص التي بدت في عينيه.و كانت تتحدث بمثل إيجازه فسألها:" ما المضحك؟"
- لا شيء.تساءلت فقط عما إذا كان هذا كله جزءا من خطتك.
- خطتي؟
- انت تعلم. التدريب يجعل الخطو كاملة. لأنها إذا كانت كذلك على أن أخبرك بأن عليك أن تقطع طريقا طويلا.
-أحقا؟
- أذا كان هذا موعدا حقيقيا ألا تظن أن عليك أن تتصرف بشكل مختلف؟
- هذا موعد يمكننا فيه أن نرسخ بعض القواعد المتعلقة بخطبتنا.
- يا له من حب شاعري تغمرني به.
مال إليها و عيناه تلمعان:" هل تريدين حبا شاعريا؟"
فتنتها نظرته و تعلقت عيناها بعينيه, و مرة أخرى عرفت خفقان القلب و انحباس الأنفاس.و غامت عيناها بحس من الإثارة.كيف سيكون شعورها لو كانت علاقتهما غرامية؟
فقالت :" لا."
أتراها تنكر ذلك على نفسها أم عليه؟ و مالت إلى الخلف محاولة ان تفك عنها السحر الذي تملكها:" لا, انا لا أريد حبا شاعريا.لكنك قلت إننا بحاجة إلى تدريب.و كنت أتوقع مزيدا من ... الرقة كما أظن."
- الرقة؟
و بدا عليه الإجفال ثم ضحك. و طرفت بعينيها لتغير ملامحه و خفق قلبها ثم غمرتها موجة ساخنة وهي تنظر إليه.
الأفضل لها أن تحاذر بقرب نك بايلي!
- جاء دوري لأسألك ما المضحك؟
- أرى أن أهذب تصرفاتي.
و مد يده إلى مقبض باب السيارة يفتحه و يشير إليها بالخروج.
- شيء ما يخبرني بأنك لست بحاجة إلى تدريب.
فقال وهو يشير إلى مطعم إيطالي صغير عبر الشارع:" وما هو هذا (الشيء)؟"
- أنا واثقة من أن لديك خبرة واسعة
- أنت تمنحينني قيمة أكثر مما أستحق.
- لا أدري في السادسة و الثلاثين من عمري.أتظنين رجلا في عمري لم يواعد في حياته؟
- يواعد؟ آه, هذا ما تصف به الأمر إذن! هذا الوصف قد يكدر كارمن.
فتوتر فكه:" أنا حقا لا أريد أن أمضي السهرة في الحديث عن كارمن بل أفضل أن أمضيه في الحديث عنك."
فقالت بدهشة :"عني؟"
كانا قد وصلا إلى المطعم فدخلاه و تفاجآ بالحشد فيه:" تيا لذلك! نسيت أنها ليلة الجمعة." تمتم بذلك وهو يسير إلى المديرو قال ينبهها:" سيكون علينا ان ننتظر."
فهزت كتفيها:" لا يهم"
عندما ذكر اسمه للمدير منحه هذا ابتسامة عريضة:" السيد بايلي هذا سرور لنا. أنا مسرور برؤيتك و رؤية خطيبتك.تفضلا من هذه الناحية.لدي مائدة رائعة لكما."
تبعته مذهولة, متجاهلة تذمر الناس من خلفها.وخلال ثوان كانت تجلس حول مائدة صغيرة في زاوية منعزلة أنيقة و هادئة في المطعم. أحضر لهما النادل قائمة الطعام فاختفت خلفها حتى غادر الرجل ثم رفعت بصرها إلى نك:" لا بد من حصولك على صديق في مكان مناسب هو شيء حسن."
- أنا لا أذكر أنني رأيت هذا الرجل من قبل.لكنني أكلت هنا مرة أو اثنتين.
خفضت بصرها إلى قائمة الطعام
- هل يحدث هذا معك غالبا؟ سألته و هي تلقي بالقائمة جانبا إذ كانت تعلم أنها ستطلب لحم العجل, فهذا ما تطلبه في المطاعم الإيطالية.
فوضع قائمته جانبا:" أحيانا,إذا كانوا يعرفونني و يعرفون أنني سأمنحهم شيئا."
- بقشيشا جيدا؟
- توصية من فندقنا عندما يسأل النزلاء الأجانب عن مطعم جيد يقصدونه.
- هممم... هذا جميل. ربما علينا أن نكثر من الأكل في الخارج طالما دامت هذه الخطبة.أراهن أنني سأرى أماكن لم أعرفها من قبل.
تصلب جسم نك للحظة بشكل غير ملحوظ لكن موللي انتبهت لذلك: "ماذا؟"
- ماذا تعنين؟
ضاقت عيناها و هي تتأمله:" لم يعجبك ما قلته.ما الذي جعلك تنقبض؟"
- فلنقل أن لدي بعض التحفظات.
- بالنسبة إلى ماذا؟
- إلى الوضع كله.
طرفت بعينيها ثم استندت إلى الخلف:" أي وضع؟ خطبتنا الزائفة؟"
- منذ يومين لم أكن اعرفك. و الآن مدينة سان فرانسيسكو بأجمعها تعتقد بأننا خطيبان, ومازلت أنتظر لأعرف ما الذي تتوقعينه من هذا كله.
قطبت جبينها:" أنت تثير جنوني.أنا احتجت إلى شخص لأجل حفلة زنتك لليلة واحدة فقط.أنت الذي أدمت الخطبة فلماذا تصر أنني أريد منك شيئا منك؟ هل تراودك دوما هذه الشكوك؟"
تجاهلته و بحثت في حقيبة يدها ثم اخرجت قلما و بطاقة و أخذت تكتب عليها.
- ماذا تفعلين؟
- لا أدري إذا كان هذا قانونيا, و لكن هذا ما ينبغي أن يكون.إنه اعتراف بخطي بأنه لا يحق لي أن أطلب أي شيء منك.
ووقعته و دفعته إليه عبر المائدة.وهي تقول متوترة:" إذا لم يناسبك هذا فاعتبر إذن أن خطبتنا قد انتهت و فكر في طريقة تخبر بها أمك."
نظر إلى البطاقة و في هذه اللحظة جاء النادل فوضعها نك في جيب سترته بينما وضع الرجل كأسي ماء على المائدة:" ماذا ترغبان في الأكل؟"
عندما اخبره نك بما اختاراه. نظر إلى موللي التي كان الاحمرار مازال يكسو وجنتيها و الغضب يلمع من عينيها.ما كان له أن يضايقها لكن الفضول مازال يتملكه لردة فعلها هذه.

- نك بايلي, هذا ما ظننته.
و تقدم إلى مائدتهما رجل طويل يرتدي بذلة عمل:" تهاني. قرأت عن خطبتك في الصحيفة.هل هذه خطيبتك؟"
نهض نك و صافح الرجل و أومأ:" موللي أعرفك إلى جاسون هولتون. هذه موللي يا جاسون."
ابتسم الرجل لها:" يسرني أن أتعرف المرأة التي استطاعت أأن تفوز بصديقنا.لم يظن أحد أنه سيرى هذا اليوم.متى موعد العرس؟"
و نظر إلى نك:" أتوقع أن يكون أفخم عرس في سان فرانسيسكو. فكر في كل الذين سيحضرون المناسبة فقط كي يروا حدوث المستحيل."
- هل كان نك يتهرب من الزواج؟ ألقت موللي هذا السؤال متفكهة بالارتباك الذي سببه جاسون لصديقه.
- كان يعبث بشكل...
و أدرك فجأة إلى من يتحدث:" آه, أنت تعرفين حال الرجل قبل أن يعثر على المرأة المناسبة."
فقال نك بجفاء:" ربما عليك أن تدع موللي تستمتع بجهلها بماضيّ و عد أنت إلى سيليست"
- لقد ابتدأنا العشاء لتونا.ربما عندما ننتهي جميعا نجلس معا لتناول القهوة.
فقال نك بحزم:" لدينا مشاريع لبعد العشاء."
نظر جاسون إلى موللي ثم عاد إلى نك:" بكل تأكيد.إنني أفهمكما.فلندع ذلك لوقت آخر."
و ربت على ظهر نك ثم أومأ إلى موللي محييا:" يمكنك أن تتعرفي إلى سيليست في المرة القادمة.تهاني لكما."
انتظرت موللي إلى أن أصبح بعيدا ثم مالت إلى الأمام وقالت بهدوء: "كيف يكون حال الرجل بالضبط قبل أن يجد المرأة المناسبة؟"
فرفع حاجبيه:"أعتقد ان هذا النوع من الأمور لا يأتي الرجل أبدا على ذكره عندما يجد المرأة المناسبة."
- ولكنك تحاول أن تخبرني بأن ليس لديك كل تلك الخبرة؟
- جاسون يبالغ, فقد تزوج سيليست حال خروجه من الجامعة ومازال يشعر بأنه كان عليه أن يعبث قبل الزواج.
- وهل هذا صحيح؟
فهز نك رأسه:" أظن زواجهما سعيدا, لم تنتشر قط عنهما أي نوع من الشائعات أنا أحد أصدقائه الذين مازالوا عازبين."
- ولماذا؟ لقد أدركت موللي فجأة أنها تريد أن تعلم كل شيء عن الرجل.ليس لكي تجيب على أسئلة قد توجه إليها.ولكن إرضاء لفضولها.إنها تعرف اللون الذي يحبه و الطعام الذي يفضله و لكن هناك الكثير مما لا تعرفه.وليس هذا لأنها بحاجة إلى الانخراط التام في حياته.ذلك أن الخطبة المؤقتة قد تنتهي بنفس السرعة التي حدثت بها, ولكن حتى ذلك الحين تريد أن ترضي فضولها بمعرفة ما تستطيع ت أن عرفته عن هذا الرجل.
هز كتفيه:" في العمر الذي يبدأ فيه الرجل بالبحث عن رفيقة حياته كنت أكافح في سبيل التحكم بسلسلة فنادق ماغيللان.وكان أبي قد مات فجأة بنوبة قلبية, فرأيت نفسي في سن الخامسة و العشرين أخلف أبي و أدير السلسلة عنه."
- أتريد أن تخبرني أنك لم تخرج مع نساء طوال السنوات العشر الماضية؟
- كلا بالطبع.لكن نوع النساء اللاتي عرفتهن لم يكن يصلح للزواج.كانت مواعيد لمناسبات عمل أو احتفال جمعيات خيرية.
- أو لمجرد المتعة
فأومأ:" أو لمجرد المتعة."
- لكنهن لسن من نوع النساء اللاتي تأخذهن إلى بيتك وتقدمهن إلى أمك.
- عندما يأخذ الرجل امرأة إلى بيته ليقدمها لأمه, عليه أن يكون حذرا.
ابتسمت موللي محاولة أن تتصور نك خائفا من تعليقات أمه إذا أحضر امرأة إلى البيت.و لأمر ما لم تقنعها الصورة ذلك أن نك لم يكن ممن يرهبهم أحد.
- لدي احساس بأن بإمكانك أن تواجه أمك.
- ليس مؤخرا. ما زلت لا أعرف ما تريدينه من وراء كل هذا لكنني سأبذل جهدي كي تشفى أمي.
نظرت إليه موللي متسائلة كيف لا يستطيع أن يفهم أن بعض الناس
يساعدون الآخرين لمجرد الخدمة.إنه مقتنع بأن دوافعها مادية.هل يمكن له يوما أن يغير نظرته إليها؟
- عليك أن تنتظر لترى.
- أقول على سبيل التحذير إنني لست خصما يسهل التغلب عليه.حذار وإلا ستكونين أنت التي ستتألمين في النهاية.
بعد وجبة لذيذة وخدمة ممتازة خرجا وهما يلوحان لجاسون و زوجته مودعين. وقد سرت موللي لعدم اضطرارها إلى تناول القهوة معهما. فالإدعاء أمام أمه المريضة هو شيء و التمثيل أمام أصدقائه هو شيء آخر لأنه من المحتمل أن يحلل أصدقاؤه الأمور أكثر من أمه.
عندما جلست موللي في السيارة بعد ذلك بلحظات, تذكرت أنهما لم يتدربا على شيء. أو لم يكن هذا سبب خروجهما؟ و بدلا من ذلك أخذا يثرثران,أثناء العشاء,بأسلوب ودي تقريبا كما أنه لم يمسك يدها و لو يعانقها كما لم يدعها حبيبتي أو عزيزتي أو بأي شيء شاعري حتى أمام النادل. عندما جلس نك وراء المقود التفتت إليه:" ماذا عن ذلك التدريب الذي تحدثت عنه؟"
- هل في ذهنك شيء خاص؟
سألها بكسل وهو ينظر إليها. كان الظلام قد حل والضوء الوحيد كان ضوء الشارع ولافتات النوادي الليلية والمطاعم حول الساحة. تحت الأضواء الخافتة والظلال بدا شكله أكثر شبها بالقرصان. وارتجفت موللي هل يمكن السيطرة على مشاعرها؟
- أنت أثرت الموضوع.ماذا في ذهنك؟
فقال بكسل:" أولا, أن نتعرف أكثر على بعضنا و بهذا لن تنفعلي عندما تكونين بقربي."
- أنا لست سريعة الانفعال!
مال نحوها وتسلل بيده إلى رقبتها فتسارعت خفقات قلبها.و سمرتها عيناه السوداوان اللتان اشتبكتا بعينيها.حاولت أن تأخذ نفسا عميقا تهدئ به أعصابها و تسترجع تسلسل أفكارها.
سألها:" إذا عانقتك هل ستعتبرين ذلك تدريبا؟"
كلمة (تدريب) ليست الكلمة المناسبة, كما أخذت تفكر! "البهجة" و"الإثارة" ... قد تصلح أكثر وهذا لا يعني أنها ستشارك هذا الرجل المتغطرس هذه الانفعالات.لقد حان الوقت لكي يشعر بالإذلال:"سأعتبره كذلك و لكن هل ستعتبره أنت كذلك؟"
قالت هذا وهي تميل نحوه و كادت تبتسم لما أحست به منه من إجفال. ولكن سرعان ما جذبها نحوه و أخذ يغذي بخبرته المشاعر المحمومة التي بدأت تثور.أحاطها بذراعيه مشددا من احتضانها بينما تشبثت هي بكتفيه و كأنها تتشبث بحبل النجاة.
تفجر عالم من الألوان خلف جفنيها المغمضين و رهفت حواسها. وتراقص قلبها فرحا و سمعت خفقات قلبه,و ارتفعت الحرارة بشكل مثير حتى تمنت موللي أن تفتح النافذة لتدع ضباب الليل ينعش الجو. ولكن ليس إلى حد يجعلها تقطع هذا العناق الذي أملت أن يستمر إلى الأبد. بعد لحظات طويلة تراجعت موللي و رفعت بصرها إلى نك. تنحنحت و تمنت لو أنها كانت محنكة حاضرة البديهة ولكنها أكثر من ذلك تمنت لو تعود فتلقي بنفسها عليه وتعانقه حتى الصباح. قالت:
" ربما هذه ليست فكرة جيدة.أنا أعلم أنك تريد تدريبي وما شابه و لكن هذا يكفي لهذه الليلة." 
لامس نك وجهها ثم استند إلى الخلف و نظر حوله:" تبا! لا يمكنني أن أصدق أنني نسيت أننا وسط "ساحة واشنطن" في منتصف ليلة الجمعة. على الأرجح أن نصف سكان مدينة سان فرانسيسكو قد رأونا."
- لا أحد يمكنه أن يرانا في هذا الظلام.
قالت هذا و هي تستند إلى الخلف شاعرة فجأة بالبرد.كان بإمكانه أن يقول شيئا يلطف هذا التوتر لكنه بدلا من ذلك عاد إلى التقطيب, متجها بالسيارة إلى الحي الصيني ومنه إلى شقتها.كلاهما بقي صامتا طوال الوقت. 
نظرت إلى الأنوار محاولة أن تتجاهل الدم الذي مازال يندفع في عروقها و الشوق الذي كلأ كل خلية فيها. لم تعرف مثل هذا الشعور من قبل. هل هذا لأنها عانقت رجلا لا تكاد تعرفه؟ فاكهة محرمة كما يقول المثل؟ أم أن هناك شيئا فريدا في شخصية نك؟
لم تشعر أن من السهل معرفته.فقد أرغمها على التعاون معه في هذه التمثيلية مع أن ذلك يتناقض مع سمعته.و بعد أن اقترح هذا المشروع وضعها تحت المراقبة.و مع ذلك كان سلوكه الليلة ودودا و حريصا على الإرضاء.عندما وصل إلى شقتها أوقف السيارة و نظر إليها:" أنا لن أصعد معك إذا كان هذا لا يزعجك؟"
كبحت موللي ضحكة قصيرة فهذا جل ما تريده الليلة إذل عليها التحكم بمشاعرها.
- حسنا. سأراك غدا إذن.
- الحفلة تبدأ عند السابعة سآتي لآخذك قبل ذلك بربع ساعة ولن يستغرق وصولنا إلى الفندق وقتا طويلا.إنها حفلة رسمية.
ونظر إليها بعينين ضيقتين متأملا. 
أومأت موللي ثم فتحت الباب:" هذا ما توقعته.شكرا للعشاء فقد كان ممتعا."
ثم نزلت قبل أن يقزل شيئا و أسرعت إلى الباب الأمامي.
- موللي؟
التفتت إليه و كان قد نزل من السيارة و أخذ ينظر إليها:" ذلك العناق الذي تبادلناه... لم يكن لمجرد التدريب." 
وقفت حائرة بينما عاد إلى سيارته ثم تحرك بها مبتعدا.

في الصباح الباكر من يوم السبت تنشق نك الهواء المنعش العابق بشذا أورق شجرة "الأوكالبتوس" و برائحة البحر.وكان يتهيأ للركض في "حديقة البوابة الذهبية" العامة الأمر الذي لم يعد يقوم به بقدر ما يتمنى.هناك خمسة كيلومترات يستمتع بقطعها و تؤدي به إلى أهدأ نواحي الحديقة العامة حتى أن بإمكانه أن يتمشى على الشاطئ.
وقفت سيارة جيب داكنة اللون خلفه و ترجل منها دوني.
- ألم تجد وقتا و مكانا آخرين؟
قال هذا متذمرا وهو يسير إلى نك و يرشف قهوة أحضرها من بائع جوال.
- لا. 
كان كلاهما يرتدي سروالا قصيرا و حذاء للركض و قميصا مقفلا فضفاضا.
- أجاهز أنت للركض؟
- لا علي أن أنهي قهوتي أولا.
ومال متكئا على السيارة و أغمض عينيه:" أنا لست مثلك. بقيت ساهرا حتى الثالثة صباحا."
و فتح عينيه و نظر إلى نك:" متى اوصلت موللي إلى بيتها الليلة الماضية؟"
- قبل الثالثة بوقت طويل.
ز مد نك يده يتناول فنجان القهوة يرتشف من جرعة طويلة.
- مهلا ... هذا فنجاني.
فقال نك و هو يناوله الفنجان :" كلما أسرعنا في إنهائه أسرعنا في البدء من جديد. هل عرفت شيئا جديدا؟"
- عن موللي أم عن المقهى.
- عن الاثنين.حاول نك أن يجعل لهجته طبيعية لكنه كان فضوليا وحذرا
- لا شيء عنها.إنها مستقيمة.
- أنا لست بحاجة إلى رأي الشرطة.فأنا لا أظنها متورطة في جريمة ما. أتظن أن لديها خطة في ذهنها؟
- الشيء الوحيد الذي تمكنت من معرفته هو أنها لم تمض قط علاقة طويلة مع شخص.لا أظنها تحاول أن تحطمك.ماضيها لا يوحي بذلك و لن تتحول فجأة إلى امرأة مخادعة.
أومأ نك و هو يستدير لينظر إلى الطريق.كان يعلم أن موللي ليست مخادعة و لكنه يريد إثبات ذلك.قال وهو يبدأ الركض:"فلنذهب."
أدركه دوني في ثانية, ثم ابتدأ الاثنان يركضان معا.
سأله نك :" وماذا عن المقهى؟"
- هناك حتما خطب ما و أظنه هاري كوكر.
- هاري؟ إنه هناك منذ سنتين و نحن لم نلحظ النقص إلا قبل ثمانية أشهر.
- الأشياء تتغير على كل حال و أنا أبحث في الخلفيات.ربما برز شيء منذ ثمانية اشهر فغيره.
- هل أنت واثق من أنه هاري؟
- هناك برهان سأحصل عليه
ركضا فترة صامتين عاد دوني بعدها ليسأله:" هل ستتخذ ضده الإجراءات القانونية عندما أحصل على البرهان؟"
- نعم على الفور.تبا له !
- هذا ما تصورته.ماذا لو كان لديه طفل بحاجة إلى عملية جراحية أو ما شابه؟
- تحر عما يحدث و دع الأمر لي.
- نعم, يا سيدي, كما انني لست مهتما تقريبا بهذا الأمر قدر اهتمامي بما ستفعله بالنسبة لموللي.
- أنا لا أفعل شيئا معها.
- الخروج برفقتها أربع مرات هذا الأسبوع يبدو و كأنه شيء ما.
- كيف عرفت بمسألة ليلة امس؟
- هيه ... لا تنسى أنا التحري الخاص البالغ المهارة.
خرجا من تحت الأشجار إلى الجزء الذي ينحدر نحو الشاطئ. فكر نك في سؤال دوني عن موللي عندما ابتدأ الركض على طريق ترابي. ما الذي ينوي عمله بالنسبة إليها؟
لم يتعلق عناق الليلة الماضية بالتدريب. كان ناجما عن مشاعر صرفة. لم يتملكه مثل هذا الشعور نحو امرأة منذ سن المراهقة كما أنه كان معروفا بضبط النفس. لكن عناق موللي نسف ذلك.
- هل تشاركني النكتة؟
- ماذا؟ و نظر إلى دوني
- أنت تبتسم. ما المضحك؟
- لا شيء.
كان يتساءل عما عسى تكون فكرت فيه بالنسبة إلى آخر ما قاله لها عندما افترقا في الأمس.

********

السبت هو يوم موللي المفضل ففيه تنهض باكرا و تتناول فطورا بسرعة ثم تبدأ في الرسم. وهو بالنسبة إليها يوم راحة تبتعد فيه عن الزبائن و ذوي النفوذ و الرؤساء الذي يتوقعون المعجزات أحيانا والذين يعتبرون الفن سلعة و ليس إبداعا. أحب العمل في شركة زنتك لكنها احبت الرسم و حلمها ان تتمكن ذات يوم من أن تعيل نفسها من فنها , لكن ذلك اليوم لم يأت.
هي دائما تعرض بعضا من لوحاتها في معرضين للفنون في المدينة. واحد بجانب المرفأ و الآخر قرب " ساحة يونيون". كلاهما صغير لا يزال في طور النمو.إلا أن اللوحات التي باعتها ساعدتها في زيادة دخلها و مكنتها من شراء شقتها.فضلا عن هوايتها كما يدعوها والداها خولتها قضاء إجازاتها في أماكن غريبة. 
كانت اليوم تريد وضع اللمسات الأخيرة على لوحة أمضت في رسمها عدة عطلات اسبوعية في " حديقة البوابة الذهبية" العامة و هي تمثل جزءا من " حديقة الشاي اليابانية". حيث تبدو أغصان الصفصاف منحنية وكانت مسرورة من النتيجة.
ارتدت بنطلون جينز مريحا و قميصا قطنيا ناعما ثم دست فوق ثيابها 
مئزرا ملطخا ترتديه أثناء الرسم.كان الجو دافئا إلى حد استغنت فيه عن الحذاء. اغتسلت بسرعة و غسلت اسنانها.ثم رفعت شعرها إلى الخلف كي لا يزعجها أثناء الرسم. تفحصت اللوحة لحظة فرأت أنه بعد ساعتين ستكون اللوحة قد انتهت.و مدت يدها إلى الألوان.
عادة ما إن تلمس الفرشاة حتى تضيع في عالم الألوان و الأشكال. لكنها اليوم لم تشعر بالراحة. رسمت ورقة شجر ثم أخذت تفكر في نك و عناقه.
تأملت صورة المياه و لكنها بدلا من ذلك رأت صورتهما هما الاثنين أثناء عشاء الليلة الماضية. ورغم جهودها لم تعرف عنه ما تريد أن تعرفه.إنه إما بطل في النفاق و إما أكثر تحفظا مما تظن.
مرة أخرى حولت انتباهها إلى اللوحة.لم تكن تريد مداومة التفكير في نك , فاليوم هو اليوم الوحيد الذي بامكانها فيه أن تكرس نفسها للرسم. وغدا لديها واجبات منزلية عليها أن تقوم بها و بعد ذلك يبدأ العمل الأسبوعي.
ماذا كان يفعل نك اليوم؟ هل أمضاه في المكتب؟ في لعب الغولف؟ في رحلة بحرية؟ أما عليها أن تعرف هوايات خطيبها المزعوم؟
وضعت فرشاة و لوحة الألوان ثم سارت تبحث في حقيبة يدها. أخرجت الورقة التي أعدها لها دوني. كانت تلقي عليها نظرة عندما ذهبت إلى بيت والدة نك ذلك اليوم, لكنها لم تستوعب كل شيء.و أخذت تقرأ بسرعة. كان الأمر كما ظنت تماما ذلك أن دوني لم يسجل هوايات نك.
تملكها الغضب وعادت إلى الرسم. أخذت تضع اللمسات الأخيرة على اللوحة بينما أفكارها مشتتة بين العمل و نك بايلي.

اضغط هنا للعودة الى الفصل 4
اضغط هنا للمرور الى الفصل 6

No comments:

Post a Comment

اقرا المزيد