Recent Tube

test

اخر الاخبار

Post Top Ad

Your Ad Spot

Saturday 9 December 2017

رواية " تناديه سيدي" للكاتبة: فيوليت وينسبير الفصل 9


9- فتاة الحكاية الخرافية

وجدت أيفين أنها تقابل كينيت غرايسون كثيرا في الأيام الأخيرة , كانت صحبته من النوع السار , وكان السيد فونسكا قد لزم الفراش بسبب مرضه فأعطاها ذلك الوقت الكافي للتجول في الجزيرة مع كينيت الذي كان يعشق التصوير الفوتوغرافي , وقد ألتقط صور أماكن قديمة وأخرى رائعة.
وبالطبع رغب في زيارة القلعة , ولكن أيفين كانت تنتحل الأعذار حول أخذه اليها لمقابلة الوصي عليها , وكانت تقول له أن دون جوان لا يعتبر بيته مكانا سياحيا.
وكان كينيت يقول :
" ولكنني صديق لك , وأنت تحت حمايته , وبالتأكيد يمكنني أن أرافقك الى القلعة وتقدمينني له؟".
" أنه يحب حرمته البيتية".
" هل أنت خائفة منه؟".
سألها ذلك وهو يلتقط لها صورة وهي جالسة على جدار شجرة لوز مزهرة.
" بالطبع لا !".
" يبدو أنك كذلك يا عزيزتي , هل هو صارم ويتحكم فيك بشدة؟".
ضحكت وقالت :
" إنه وسيم للغاية , وأذا تعكّر مزاجه أحيانا , فذلك يرجع الى أنه عانى حزنا في حياته , وتعذب من ساقه التي تؤلمه والتي كاد يفقدها في حادث ركوب جواده , كان يحب ركوب الخيل , وكان من رعاة البقر في شبابه".
أستند كينيت الى الحائط وأشعل سيكارة , وضاقت عيناه وهو ينفث الدخان , وأنعكست أشعتهما الزرقاء على وجهها , ثم سألها :
" كم يبلغ عمره الآن؟".
" أنه في الخامسة والثلاثين تقريبا".
وبدت أيفين صغيرة وهي تسوي شعرها بأناملها , ولكنها بدت أيضا غير واثقة من المستقبل , لم يكن في وسعها أن تحدّث أستاذها عن العمل الذي سيساعدها في الحصول عليه في مدريد قبل أن تتحسن صحته , أرتسمت على شفتي كينيت أبتسامة وقال:
" كان لدي أنطباع بأنه أكبر سنا , وتقولين أنه وسيم أيضا ؟ ومن العجيب أنك لست مولعة به , وقد سمعت أن الأسبان لديهم جاذبية أسبانية ساحرة".
إبتسمت وكررت قوله:
" جاذبية أسبانية ؟".
أنحنى كينيت الى الأمام وداعب ضفيرتها مما ذكّرها بالعازف ريك وجعلها تخجل من لمسه لشعرها , وقال :
" تعرفين ما أقصد يا آنسة بلغريم , هل تخجلين من الرجال يا أيفين ؟".
" أنني أحب الصداقة ".
" لأنها أكثر راحة ".
" لا أرى معنى لأن تغازل الفتاة كل رجل تقابله".
" أنت تعتقدين أن جوانب معينة من العلاقة بين الرجل والمرأة ينبغي أن تكون مقدسة , بينها وبين رجل واحد فقط , هل ألتقيت مع فتاة من الطراز القديم التي لا هم لها إلا الأمان الذي يوفره الزوج للفتاة ؟".
" كينيت , ليس النساء جميعا مرتزقة !".
" النساء اللواتي ألتقيت بهن لسن من النوع الذي يبني عش الحب".
" لقد فررت من الوقوع في حبائل أحداهن , أنت أذن طائر مراوغ تعرف ما تريد".
" لعلّي أريد واحدة مثلك ؟". قال ذلك في أستخفاف ولكن بوميض في عينيه , ثم أضاف : " هل أنت يا أيفين حرة القلب؟".
" نعم , وسأظل كذلك".
نزلت من فوق الجدار المنخفض , وأتجها معا الى مطعم في الشاطىء , تظلل الشماسي موائده.
أن المشي في الشمس جعلهما يشعران بالعطش , ولهذا طلب كينيت عصير فاكهة مثلج وسأل الخادم أن يحضر قائمة الطعام بعد ربع ساعة , كانت مياه البحر لا تبعد عن مائدتهما غير بضعة أمتار , وكان سرب من طيور البحر يتراخى في كسل عند موجات البحر.
منتديات ليلاس
كانت أيفين مسرورة لأرتشاف عصير مثلج في رفقة شاب جذاب , ومدركة أيضا لأنسياقها في علاقة جديدة يمكن أن تعطيها عاطفة أكبر من عاطفة ريك , ولكنها أقل من النشوة العارمة التي تحلم بها.
أنها تميل الى كينيت , وأمه لطيفة طيبة القلب وإن تكن فضولية , بالأمس عندما كانا يجلسان على سطح اليخت نحو ساعة وهما يحلمان تحت سماء تضيئها النجوم , لمحت السيدة غرايسون الى أن أيفين هي نعم المرافقة , وأنهما عما قريب سيبحران الى أسبانيا , والى البرتغال ثم يعودان الى وطنهما أميركا , وبأستطاعة أيفين أن تذهب معهما ....... أذا أختارت ذلك".
أخذ كينيت يدها وضغط أصابعها النحيلة وقال :
" هيا تعالي من هذا البعيد الذي شطحت بخيالك اليه , فقد شعرت بأنني وحيد وكأن لا مكان لي في خواطرك".
أبتسمت له وقالت :
" ولكنني كنت أفكر فيك , وسأفتقدك يا كينيت عندما تبحر".
قال ملاطفا :
" أبحري معنا , أمي تحبك , ويمكنك أن تعملي كمرافقة كما ألمحت اليك , ويمكننا نحن أن ندع الأمور تأخذ مجراها في لطف وسهولة بيننا , وإذا لم تتطور الأمور بيننا , ولن يكونهذا لقلة التشجيع من جانبي , عندئذ لن تكوني قد خسرت شيئا , لقد قلت لي أنك ستغادرين الجزيرة للعمل في مدريد , ماذا ستفعلين هناك وحدك ؟ فتاة مثلك , أشبه بقطة صغيرة ذات نظرة ضائعة في عينيها , وهذا يا أيفين يجعلني أتعجب".
قالت ضاحكة :
" أنني الآن جائعة وأشتهي أكلة قريدس لذيذة , هيا طقطق أصابعك مثل الأسبان ودعنا نلقي نظرة على قائمة الطعام".
" أنا لست أسبانيا يا عزيزتي".
أستقرت عيناها على شعره القصير , وعلى طلته الأميركية وهو يتأمل البحر ويطبق على شفتيه , وقالت :
" كلا , ليس فيك أي شيء أسباني يا كينيت ".
" وهل يغير ذلك من شيء؟".
" على العكس , أن ذلك يجعلني أشعر بالطمأنينة ".
" على أرض صلبة ليس تحتها أي نيران أو براكين خفية".
ضحكت ثانية , وتجاهلت وخزة الألم مع تذكر غليان البركان في دون جوان , وغضبه عندما ألتقطت له عصاه الأبنوسية , وأمره لها بأن تحتفظ بشفقتها لنفسها , الشفقة ؟ أنها لم تشعر بشيء من هذا لرجل قوي للغاية وناضج جدا ويعتمد على نفسه كليا , أنها رادت فقط أن تعطيه شيئا قليلا من دفء قلبها.
أستند كينيت الى ظهر مقعده وكوب العصير في يده وقال :
" الثابتون يقدمون على المدى البعيد أكثر مما يقدمه الأشخاص الغامضون الذين لا يستكطيع المرء أن يتصل بهم أتصالا وثيقا , وأعتقد أنك إذا جئت معنا وتركت هذه الجزيرة بدون التطلع الى الوراء ستجدين السعادة".
نظرت أولا الى كينيت ثم الى جبال أسبانيا البعيدة وقالت :
" أن العمل في مدريد كان هو كل ما أستقر عليه رأيي قبل مجيئك , وكان والد راكيل ساعدني في دراسة القطع الفنية والأثرية ".
" توجد في ولاية كاليفورنيا مؤسسات ومخازن لبيع الآثار الفنية , وسأكون الى جانبك يا أيفين".
" الأميركان باعة مثابرون على ما أرى".
" وفي كاليفورنيا وديان البرتقال وبيوت من الحجر الأبيض , وستعجبك الحياة هناك".
" وهل تعيش أنت ووالدتك يا كينيت في بيت من الحجر الأبيض؟".
أبتسم أبتسامة جذابة وقال :
" نعم , وفي البيت باحتان فيهما أشجار بنفسجية الزهر , ومنظرها رائع وعلى الأخص أمام الجدران البيضاء".
أطلقت تنهيدة شخص غير واثق وقالت:
" أنا , أنا لا أستطيع تقرير أي شيء قبل التحدث بهذا الشأن مع الوصي علي".
" أنه وصي مؤقت يا أيفين , وأنت لست ملكا له".
" كلا.......".
" هل يتصرف كأنه يملك؟".
" كلا , ولكنه أحسن الي , لم يكن لدي أي شيء عندما أنقذوني من البحر وجاء زورق الصيد الى الجزيرة , وقد رتب مع السلطات الأسبانية أقامتي هنا كزائرة , وطلب الي ثيابا أنيقة من مدريد , وأقنع السيد فونسكا بأن يتولى تعليمي ..... لم أكن غير خادمة ومرافقة , وعاملني كأنني أحدى قريباته".
" ليس كأبنه له؟".
أبتسمت قليلا:
" أنه ليس كبيرا الى هذا الحد".
" أود أن أقابله يا أيفين , وأشعر أنه يتحتم عليّ ذلك في هذه الظروف , وأعتقد أنك تميلين الى قبول العمل لدى والدتي , وأذا تحدثت الى المركيز فأنه على الأقل لن يشك في مكانه عائلتي التي ستعملين عندها , ويخيل الي أن المرأة الأخرى التي كنت تشتغلين لديها كانت متوحشة نوعا".
" نعم كانت أشبه بالتتار , وربما أنا أيضا سحت لها بالتسلط علي , وقد علّمني أختلاطي بالأسبان أن الأعتزاز لا يعني الضغط على الآخرين وأن الناس سواسية , أنني لم أر ولم أسمع طوال مدة أقامتي في القلعة غير معاملة دون جوان اللطيفة أتجاه حاشيته , إنه متحفظ وهذه طبيعته , ولكنه لا يستأسد على الضعفاء ".
" هل تأخذيني لمقابلته؟".
" كينيت , دعنا ننتظر يوما أو يومين.....".
" ولكننا سنترك الجزيرة يوم السبت ! وليس أمامنا غير مهرجان يوم الجمعة نمرح فيه , وعليك أن تقرري يا أيفين , يخيّل الي أن المركيز إذا قال لا بخصوص أي شيء , فإنك تنصاعين له".
أحتجت وقالت :
" ليس في كل الأمور".
" ومتى أعترضت عليه؟".
" مثلا فيما يتعلق بالشاب ريك , كان المركيز غير متحمس لصداقتي له , وقد وجدت فيما بعد أن المركيز أكثر مني تبصرا بالناس , أو يمكنني أن أقول أكثر مني فهما للحياة وخبرة بها".
وبدت الغيرة على وجه كينيت.
" من هو ريك؟".
" أنه عازف الغيتار في نادي هيدالغو".
وفي غيظ قال كينيت:
" أنه وسيم الى حد لا يستغرب عنه التلاعب".
" أجل ".
منتديات ليلاس
ضحكت أيفين بعصبية وهي تقول ذلك , وتذكرت المرة الأخيرة التي ألتقت فيها مع ريك ثم كيف أفترقا , ونظرت الى كينيت الذي كان رفيقها الدائم خلال الأيام الأخيرة , وشعرت بالخوف فجأة , ربما أخذ الناس يتحدثون عنهما , وربما أخذوا يقولون أنه هو الرجل الذي أمضت معه الليل وحدهما , ترى إذا بلغت الأشاعة مسامع كينيت , فهل يتصرف مثلما تصرّف ريك؟
سألها وهو يبتسم:
" أجائعة أنت ؟ هل نطلب ذلك القريدس الكبير اللذيذ؟".
أومأت برأسها , ونادى الخادم , كان كينيت لطيفا وشعرت بالراحة معه , وكاليفورنيا تبعد أميالا عديدة عن الجزيرة , وهذه المسافة الطويلة ستطمس ذكرى دون جوان الى أن تعود تتذكّره زوجا سعيدا مع راكيل ولا يعيش وحيدا.
جاء القريدس بلونه الوردي , ومعه بعض لفائف الخبز الأسباني , وبعض المقبلات , ولم تعد أيفين تشعر بالجوع ولكن بدا لها البحر كأنه قد فقد بعض بريقه كما أن تغريد الطيور بدا حزينا نوعا , هكذا تبدو الأشياء عندما تعرف أنك أنما تراها للمرة الأخيرة , وأذا هي تركت الجزيرة يوم السبت مع كينيت وأمه , عندئذ يتحول هذا المكان في هذه اللحظة الى ذكريات.

بعد الغداء راحا يستريحان في كسل تحت نخلة ظليلة في الشاطىء , ولم يتحدثا كثيرا , وظن كينيت أن هدوءها وحزنها هما مجرد تنفيس عن تعلقها بالجزيرة , كأنما تستعد لوداعها وسماع كلمات الوداع من المركيز.
دعاها كينيت لقضاء سهرة مهرجان الجمعة على ظهر اليخت , الذي جرى تزيينه بمصابيح ملونة لهذه المناسبة , وسألتها والدة كينيت:
" هل تعتقدين أن السيد المركيز يوافق على حضور حفلنا الوداعي . لقد رأيت راكيل هذا الصباح وعلمت أن صحة والدها تحسنت بحيث سمكنها حضور الحفل , وأظن أن دون جوان قد يسره مرافقتها لحضور حفلنا".
رأت أيفين أنها لا يمكنها بعد ذلك تفادي لقاء كينيت ووالدته بالوصي عليها , فقالت:
" لا أظن أنه سيمانع أذا كانت راكيل ستحضر".
فقالت بتينا غرايسون :
" أذن , سأوجه اليه دعوة رسمية على الفور".
وأسرعت الى غرفتها لتكتب لدعوة , وتطلعت أيفين الى مياه البحر الهادئة التي قد تحمل الغدر في أعماقها , سألها كينيت:
هل صحيح ما يقوله الناس , وهو أن راكيل الأنيقة تطمح الى أن تصبح المركيزة؟".
أجابته أيفين وهي لا تزال تتطلع الى البحر ".
" ألا تظن أنها ستكون مركيزة رائعة , فهي جميلة ويمكنها أن تكون لطيفة للغاية , وأن تكون سيدة القلعة المثالية والمضيفة الجذابة".
قال كينيت ويده تلمس شعر أيفين:
" بالتأكيد أن الرجل يستحق ما هو أكثر من ذلك , وحتى الرجل المتحفظ يريد من يحبه بعاطفة؟".
" ألا تعتقد أن راكيل عاطفية؟".
" مثل تمثال رخامي".
" كينيت , إنك لا تعرفها تماما!".
" يا عزيزتي , أنني أعرف طرازها , وهو طراز لا تنفرد به الجزر الأسبانية وحدها".
" هل عرفت فتيات كثيرات يا كينيت؟".
أعترف ضاحكا:
" بضع فتيات , معرفة الفتيات لعبة في أميركا , ولكنني مثل معظم الرجال أعرف طراز الفتاة التي أرغب في الأحتفاظ بها , هل سمعت بهذه العبارة المعروفة عن هيلين فتاة طروادة ؟ هل هي جديرة بالأحتفاظ ؟ ولم لا , أنها لؤلؤة , الرجل يميز بين اللؤلؤة الحقيقية وغير الحقيقية , وراكيل من النوع الأخير وهي تفتقر الى وهج العاطفة".
كان كينيت رشيقا وهو يدير وجه أيفين حتى تواجهه , ويقول لها:
" لدي شيء أود أن أقدمه لك , لقد وجدته في دكان صغير في الساحة ".
وأدخل يده في جيبه ثم أخرج منها لفافة صغيرة من الورق وأضاف:
" هذه هدية لك , فقد كنت لي نعم الدليل أثناء التصوير طوال هذا الأسبوع".
وبعدما فك اللفافة رأت أيفين سوارا ذهبيا لامعا تتدلى منه عدة طلاسم دقيقة تجلب الحظ : سلم صغير , حدوة حصان , قطة , تفاحة , قلب.... نحو عشرة أشياء صغيرة جميلة تتدلى من السوار الذي ثبّته في معصمها .
" أوه , كينيت !".
" فاتنة , أليس كذلك؟".
" ما كان عليك أن تعطيها لي".
" ولم لا ؟ أن الفتيات في أميركا يتوقعت أخذ تذكارات صغيرة على سبيل التقدير ".
لمست بأصبعها الأشياء الصغيرة التي تتدلى من السوار وأبتسمت لأنها كانت هدية لا تقاوم وكانت في عيني كينيت طيبة بادية , وقالت :
" لكننا لسنا في أميركا , شكرا لك يا كينيت , سأحب سوارك هذا على الدوام".
" أود أن يكون شعورك هذا بالنسبة الي أيضا".
وتلاقت عيناه بعينيها ورأى فيهما شوقا صارخا , وتمنى أن تنسى كل من عرفتهم ولا تذكر سواه , وأن تنسى كل شيء إلا تلك اللحظة.
" أيفين....".
ألقت بوجهها تحت كتفه , وأخذت تذوب في أحلامها كأي فتاة تتناسى واقع حياتها وترخي العنان لأمانيها وأحلامها.
تركا اليخت وذهبا الى الشاطىء في زورق صغير ورافقها كينيت الى القلعة , كانت بعض الأضواء مضاءة, ولكن البرج البحري كان معتما ولا يبدو إلا من أنعكاس نور النجوم عليه.
أمسك كينيت بيدها كأنما يكره أن يتركها تدخل بيت الوصي وحدها ثم قال :
" المكان يبدو كئيبا بعض الشيء".
" أن الوقت ليل , أما في النهار فالجدران زاهية والباحات تجمّلها الزهور , ويبدو البرج البحري رومانسيا وهو يشق عنان السماء الزرقاء , في أستطاعة عاشقة مثل رابونزال ( حسناء ذات ضفيرة ذهبية من بطلات حكايات الأطفال) أن تتطلع من نوافذ البرج كي ترى حبيبها".
وسألها كينيت مازحا:
" وأنت هل تطلعت من نوافذ برج دون جوان؟".
" أنه يشتغل في غرفة مكتبه هناك ويحب عزلته , وأنا لا أتطفل عليه إلا إذا دعاني".
" ولكنك كنت معه في برجه! ".
" مرة أو مرتين , أنه مكان منير يطل على مناظر خلابة للجزيرة".
" أنه يتربع في برجه كالأسد في عرينه , أليس كذلك؟".
" أنه لا يزمجر جيئة وذهابا , فهو رجل هادىء يحب العزلة , أحيانا يتوجع من ألم ساقه ولكنه لا يحب أن يعلم الناس بألمه , الرجال الأقوياء لا يحبون البوح بضعفهم , وهم في هذا أغبياء لأن الذي تكرهه النساء هو ضعف الشخصية".
أمسك كينيت بمعصمها وضغط على السوار فتألمت قليلا:
" وألى أي حد تحبين الرجل , هذا الشخص البيروني ( نسبة الى الشاعر بيرون ) الذي يعيش في قلعة ويعرج في مشيته ووجهه أسمر وسيم ؟ لا تنسي يا أيفين أن للنبل مقتضياته أذا فكّر رجل له مركزه ولقبه في الزواج !".
نزعت أيفين يدها من كينيت وقالت:
" وهل تحسبني بلهاء رومانسية , في الروايات التافهة فقط يقع المركيز في حب مرافقة!".
" أننا نتحدث عن شعورك نحوه".
" أنا أشعر بالأمتنان له".
ضحك كينيت وقال :
" أظن أنني الأبله , ويعود تفكيري هذا الى أنك مختلفة تماما عن الفتيات الأخريات اللواتي عرفتهن , وأريد أن أحتفظ بك على هذا النحو , ومع أنني أريد أن أغزو قلبك فأنا لا أحتمل التفكير في أي شخص آخر ..... أتفهمين؟".
" الرجال يمكنهم أكل كعكتهم , وعلى الفتيات البقاء متحفظات ".
" هذه أنانية من ناحية الرجل , ولكنه إذا وجد فتاة..........".
" تريد الأطمئنان على أن تحفظي لم يذب بعد؟".
" أن صوتك بارد يا أيفين".
تلمست أصابعها مقبض باب الباحة وقالت:
" وهل تعجبك لذلك ؟ أرجوك يا كينيت دعني أذهب الآن , غدا تنسى هذا كله في العيد".
" لماذا لا نتحدث قليلا في الفلعة بدعوة منك ؟ أعدك بأن أكون عاقلا".
شعرت في الحال أن كل عواطفها المختلطة قد أنهكتها فقالت:
" أنا متعبة ".
همس قائلا:
" يا لك من مسكينة , حقا إنك مضطربة , ولكن يا عزيزتي عليك أن تتخذي قرارك بشأن السبت , عليك أن تقرري ".
" دعني أقرر غدا , أعدك بذلك ".
" عليك أن تبحثي الأمر مع الوصي الأسباني , أيه؟".
" أعتقد أنه يتوجب علي ذلك يا كينيت".
" لا تتركيه يقنعك بعدم الذهاب معنا , في أي حال , كان سيرسلك الى مدريد".
سرت قشعريرة باردة في سلسلة ظهرها:
" حسنا , والآن طابت ليلتك يا كينيت".
" طابت ليلتك يا أيفين".
وأكتفى بالتسليم عليها بيده , وأبتسم وأضاف:
" الأسبان يقبلون أنامل الفتاة عند التحية , فهل فعل دون جوان ذلك؟".
" ولماذا؟".
" ربما لأن أسمه دون جوان".
" أطمئنك يا كينيت أن المركيز يحب فتاة واحدة فقط , وأنه سيحضر حفل والدتك لأن راكيل ستكون هناك ".
" أراك أكثر جاذبية منها".
" شكرا لك ".
قالت ذلك مودعة إياه ثانية , تملصت منه ضاحكة ودخلت القلعة عبر باب الباحة .
" الى اللقاء غدا يا فتاة الحكاية الخرافية "

للعودة الى الفصل 8 اضغط هنا

للمرور الى الفصل 10 و الاخير اضغط هنا

No comments:

Post a Comment

اقرا المزيد